بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن فن التعامل مع الناس فن لا يتقنه الكثير,بل هي من أصعب وأهم العلاقات الإنسانية.. ولها تأثير بالإيجاب والسلب على نفوس من نتعامل معهم.. وإن الدراسات التي كتبت في فنون التعامل مع الناس لكثيرة متشعبة.. بل إن بعض المعاهد والجامعات الغربية اتجهت لتدريس هذا الفن كمادة تخصص.. ولا عجب أنهم بحاجة لذلك في ظل واقعهم الأخلاقي والفكري المنحرف والذي ضمن لنا ديننا الإسلامي بدلاً عنه آداباً وأخلاقاً وتضمنتها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكتب العلماء والمصلحين تجعلنا في غنى عن كل غثاء الشرق والغرب .. ولكن تظل كل هذه الآداب والأخلاق تركز على الجانب النظري التعليمي بعيدة كل البعد عن الجانب التطبيقي التربوي ..
إننا نتعلم لا نتربى..
إننا نقرأ لانطبق ..
وواقعنا اليوم يشهد بذلك..
وسوء التعامل الملاحظ بين الناس على جميع قطاعاتهم يحتم علينا الحاجة إلى التربية
العلمية والإبداع المخطط له لنتجاوز هذا الخلل..
في ظل الإبداع والتطبيق لن تكون الآداب الإسلامية المتضمنة لطرق وقواعد التعامل الجامدة متوقفة عند معنى وشكل واحد.. بل سيتسع فهم الجميع لهذه الآداب بتغير الزمان والمكان وتكرر الموضوع وسيبدع الجميع في ظل هذا الفهم لفنون التعامل.. ولكي نعطيك مفاتيح هذا الإبداع لابد قبل ذلك من وقفة قصيرة مع النفس .. إنها وقفة إقناع بضرورة هذه الخطوة .. فهل أنت مقتنع بضرورة وأهمية التعامل مع الناس وبناء علاقات جديدة قوية؟!
ولكي نجيب عن ذلك يجب التعرف لماذا التعامل ولماذا القناعة؟!
فنقول أن الإنسان اجتماعي بفطرته يحب الجماعة والخلطة ويكره العزلة والانزواء.. يقول تعالى: ((وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)) {الحجرات: 13}
فكيف بالمسلم الذي يحب دينه الذي يدعو لحسن التعامل ومخالطة الناس
فالقناعة بذلك هي نصف الحل ..
ولا ننسى أن المصالح والمنافع المتبادلة بين الناس لا يمكن تجاهلها ..
والواقع السيئ للتعامل لا يمكن إنكاره..
والكل يهمه أن يَعرف ويُعرف ويَحب ويُحب..
فالتعامل والعلاقات الاجتماعية أمر لا يستغني عنه كل إنسان سوي..
وعندما نصل لقمة القناعة بضرورة كل ما ذكرت نبدأ ..
ولكن من أين؟!
أيضاً من النفس الإنسانية..
فمعرفة المرء لسماته الشخصية وعيوبه الاجتماعية والأخلاقية يساعده على معالجتها وتربية نفسه لكي لا يسقط في وسط الطريق أو يهرب..
فالطالب لهذا الفن يجب أن يعالج نفسه من الكثير من الأمراض النفسية والأخلاقية كالخجل والشعور بالنقص والكبر والغرور والغضب والكذب ... الخ .
وإلا فكيف يواجه الناس والمواقف بكل هذه العيوب المذمومة.. وعلاج كل ذلك يحتاج لوقت وصبر وتحد للنفس وتوفيق من الله والتوكل عليه قبل كل شيء.. كما أن تنظيم المرء لوقته مهم في هذه المرحلة فالتعامل وبناء علاقات جديدة ومؤثرة قضية تحتاج لوقت وجهد .. فالواجبات أكثر من الأوقات.. فلابد من الإبداع في تنظيم الوقت وتعلم وسائل الاتصال والتعامل السريعة المفعول القليلة الوقت والمجهود..
لابد من استغلال كل فرصة ومناسبة حتى نتقرب من تلك القلوب المنطوية المنزوية ونفتحها بطرقات خفيفة رحيمة..
إن أساس الإبداع في بناء تكوين العلاقات الطيبة يتمحور في معرفة قواعد وفنون هذا البناء..
وكيف أستطيع أن أوظف جميع الآداب والأحاديث المتخصصة في هذا المجال لتكون محاور تطبيق.. فنحن لا ننكر أثر الابتسامة والسلام والهدية والزيارة والاتصال الهاتفي والمظهر الأنيق والكلمة الطيبة.الخ.
هذه الأمور وغيرها مما تضمنتها الكتب الإسلامية وكتب التعامل وكسب الناس..
ولكن الإبداع يكون في طريقة ووقت كل منها.. فإن لم تمتزج هذه الأمور بالصدق الخالص والحب الأكيد..
فلن تكون أثر من صور جامدة ومشاعر باردة.. يقول أحدهم:
"الناس في حاجة إلى كنف رحيم .. وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة وإلى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم .. في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمه ويجدون عنده دائماً الاهتمام والرعاية والعطف والصدق والود والرضا.." .
فحتى تصل للإبداع في تعاملك .. عش هذا الوجود بكل صدق وحب وعطف ولن تصل لهذا إلا بالإخلاص والصدق مع الله أولاً ثم مع نفسك ومن حولك ..
ثم إنه ليس هناك أقوى لك من سلاح الدعاء.. ويالها من مفازة عندما ترفع يداك للسماء لتهتف أن يا رب أصلح ما بيني وبين الناس وألف بيننا واجمع قلوبنا ..
و إلا فنحن لا ننكر أثر الدعاء في الإسلام
فلنمزج كل أسلوب جميل وكلمة طيبة بالصدق والحب ثم لنتخير الوقت والفرصة المناسبة فليس أوقع منها في النفس إلا حين تكون في وقتها المناسب..
وقس على ذلك كل فنون وقواعد التعامل التي تعرفها وتمدنا بها الكتب والدراسات المتخصصة فيها .. ولنتذكر دائماً:
الصدق + الود + الوقت المناسب = نجاح وعلاقة طيبة
منقوول